فضائل وأعمال عشر ذي الحجةMOIA04/ذو الحجة/1443MOIAالإدارة العامة للإعلام والإتصال المؤسسيالحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.... وبعد: فمن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من أغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مروراَ عابراً. ومن هذه المواسم الفاضلة أيام العشر من ذي الحجة ، وهي أيام شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم ، بأنها أفضل أيام الدنيا ، وحث على العمل الصالح فيها ، بل إن الله تعالى أقسم بها ، وهذا وحده يكفيها شرفاً وفضلاً إذ العظيم لا يقسم إلا بعظيم وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها ، ويكثر من الأعمال الصالحة ، وأن يحسن استقبالها و اغتنامها ، ففي مسند الإمام أحمد عن أبن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند لله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد). ولكن بأي شيء نستقل الأيام العشر من ذي الحجة؟ فحري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور: 1. التوبة الصادقة: فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى:(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). 2. ونستقبل الأيام العشر من ذي الحجة بالعزم الجاد على اغتنامها: فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة ، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل ، ومن صدق الله صدقه الله ، قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الإيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم ولات ساعة مندم. ومن فضائل عشر ذي الحجة: 1. أن الله تعالى أقسم بها: وإذا اقسم الله بشيء دل على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، قال تعالى (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) والليالي العشر هي عشر ذي الحجة وهذا ما عليه جمهور المفسرين والخلف، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح. 2. أنها الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكره، قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ) وجمهور العلماء على أن الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة منهم ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما. 3. ومن فضائلها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لها بأنها أفضل الأيام، ففي مسند أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما عمل أفضل منه في هذه الأيام) يعني أيام العشر قال فقيل ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا من خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بشيء من ذلك). 4. ومن فضائلها: أنه فيها يوم عرفة: ويوم عرفة يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في عشر ذي الحجة إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً. 5. وأن فيها يوم النحر: وهو أفضل أيام السنة عند بعض العلماء، ففي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر ثم يوم القر) صححه الألباني. 6. ومن فضائل عشر ذي الحجة اجتماع أمهات العبادة فيها: قال الحافظ ابن حجر في الفتح:( والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره). ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها ويكثر منها هذه الأيام ما يلي: 1. اداء مناسك الحج والعمرة، وهما أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) متفق عليه، والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يخالطه إثم. 2. ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها في الأيام العشر من ذي الحجة: الصيام: وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره فإن أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به).متفق عليه.وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه، فقال صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) رواه مسلم. وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها، وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً. 3. الصلاة : وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً ولذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام فإنها من أفضل القربات وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) رواه البخاري. 4. التكبير والتحميد والتهليل والذكر : فعن أبن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله علية وسلم قال : ( ما من أيام أعظم عن الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) . رواه أحمد . وقال البخاري كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما . وقال : وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراَ ، وكان ابن عمر رضي الله عنه يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاَ. ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به ، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل على النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده. 5. الصدقة : وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام ، وقد حث الله عليها فقال : (يا أيها الذين آمنوا أنفقو مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون ) وقال صلى الله عليه وسلم : (ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم . وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام مثل : قراءة القرآن وتعلمه ــ والاستغفار ــ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب وافشاء السلام وإطعام الطعام والإصلاح بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحفظ اللسان الفرج والإحسان إلى الجيران وإكرام الضيف والإنفاق في سبيل الله وإماطة الأذى عن الطريق والنفقة على الزوجة والعيال وغيرها من الأعمال الصالحة. وفقني الله واياكم لاغتنام الأيام الفاضلة بالأعمال الصالحة ، وجعلنا هداة مهتدين . وصلى الله عليه وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وكيل الوزارة لشؤون المطبوعات والبحث العلمي الشيخ عبدالعزيز بن محمد الحمدان